وراء الابتسامة ألم لا يُرى، حكاية امرأة و سرطان الثدي

في قرية وادعة، نشأت فاطمة بين جدران بيت طيني دافئ، تتعلم من والديها الصبر والعطاء. كانت الطفلة الحيوية بين إخوة يكبرونها، لا تهدأ حركتها ولا ينضب حنانها.

في السادسة عشرة، خفق قلبها لأول مرة لأحمد، ابن الجيران. اجتمعت العائلة على خطبتهما، وتلونت أحلامها بألوان الزفاف البسيطة. تزوّجت في الثامنة عشرة، وكرّست حياتها لأسرتها، تختار أن تكون ربة بيت مخلصة، تنثر الحنان في التفاصيل اليومية.

أنجبت ثلاثة أبناء: رامي الطبّاخ الهادئ، ليلى المعلمة الحساسة، وسارة المهندسة الطموحة.

كانت أمًّا حاضرة في كل لحظة، تزرع الحبّ مع كل وجبة وفنجان شاي.

لكن السنوات أثقلت جسدها، وفي الخامسة والخمسين ظهر ألمٌ خفيف تجاهلته، مدفوعة برغبتها في حماية أسرتها من القلق.

حين اكتشف أبناؤها الأمر، انطلقوا في معركة العناية:

رامي يسدّد التكاليف، ليلى تنظم العلاج، وسارة تتابع حالتها الصحية.

وسط أضواء غرفة العلاج، تساقط شعرها، وانحنى جسدها. لكن روحها بقيت شامخة، تبتسم رغم الألم. وبعد ستة أشهر من الصراع، خمدت فاطمة في هدوء ربيعٍ صافٍ.

عند قبرها، وقف أبناؤها يردّدون ميراثها الخالد: – الفحص المبكر ينقذ الأرواح، – الحبّ والدعم دواء، – والحنان هو الإرث الحقيقي.